إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا logo قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم.    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة
shape
شرح كتاب العظمة المجموعة الثانية
172143 مشاهدة print word pdf
line-top
الإيمان بقدرة الله على كل شيء

...............................................................................


ولذلك أسري بالنبي صلى الله عليه وسلم وقطع تلك المسافات ما بين كل سماء وسماء مسيرة خمسمائة، وكثف كل سماء يعني غلظها مسيرة خمسمائة إلى السماء السابعة، ورجع من ذلك في ليلة واحدة، يعني: أنه سبحانه أقدره على أن أسرى به وعرج به في ليلة واحدة .
كذلك أيضا لما أُخْبِرَ بذلك الصِّدِّيق رضي الله عنه قالوا له: كيف تصدقه في ذلك؟ فقال: إني أصدقه في أعجب من ذلك-في خبر السماء- كيف يأتي إليه خبر السماء؟ ينزل عليه الملك في لحظات من فوق السماء السابعة, ثم يعرج, إن هذا عجب! فكيف لا أصدقه؟! فسمي بعد ذلك بـ الصّديق نحن نصدق كل ما وصل إلينا من الأخبار إذا كانت ثابتة صحيحة، ولو كانت مستبعدة في نظر الإنسان.

وكذلك أيضا ما ورد في صفة الجنة، وما في ذلك من صفات درجات الجنة. ثبت أنه صلى الله عليه وسلم قال: إن في الجنة مائة درجة ما بين كل درجتين مسيرة خمسمائة سنة أعدها الله للمجاهدين في سبيله مائة درجة هذه مسافتها أعدها الله للمجاهدين ..كيف ببقية المؤمنين؟! كيف ببقية أهل الجنة الذين يدخلونها ولو كانوا من الأوساط ونحوهم؟! لا شك أن هذا دليل على سعة الجنة.
ورد أيضا أنه صلى الله عليه وسلم قال: إن في الجنة شجرة يسير الراكب فيها مائة عام في ظلها لا يقطعها شجرة واحدة ظلها مسيرة مائة سنة!! ليس مسيرة سنة, ولا مسيرة خمس سنين, ولا عشر سنين, مائة سنة!! لا يقطع ظلها. لا شك أن هذا دليل على عظمة ما خلق الله، ولما حَدَّثَ بذلك الصحابي قال: اقرءوا إن شئتم وَظِلٍّ مَمْدُودٍ .
وكذلك أيضا قد أخبر الله تعالى بعجائب ما في السماء، وعجائب ما في الجنة. أخبر من ذلك بعجائب لا يصل إليها إدراك الإنسان، ولكن على المسلم أن يصدق بذلك، ويعتقد ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم.
ورد أنه ذكر أن الجنة مائة درجة, أو مائة جنة: جنة من ذهب آنيتها وما فيها، وجنة من فضة آنيتها وما فيها، وجنة من لؤلؤ آنيتها وما فيها، وسبع وتسعون فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. فكل ما ورد من هذه الصفات فإنه شيء لم يخطر على قلب بشر. والذي حجبه الله تعالى عن الإنسان مما لم يعلمه أحد، هذا لا يحيط به علم الإنسان، قال الله تعالى: فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ أي: لا تعلم الأنفس أي الشيء الذي أخفاه الله تعالى لهم، وقال تعالى: وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ والأدلة على ذلك كثيرة معلومة.

line-bottom